” الشائعات الرقمية “
بقلم : أ.د عبد الكريم الوزان
الشائعات هي أخبار أو قصص أو روايات كاذبة ومضللة في الغالب، تنتشر سريعا مشافهة بين الناس، دون التحقق من مصداقيتها ومصدرها.
وفي عصر التكنولوجيا المتقدمة وتطور الرقمنة وتوسع تقنيات الانترنت وانفتاح العالم الاتصالي، تنتشر المعلومات المضللة وغير الدقيقة ، بقصد أو بدون قصد، إذ ساعدت هذه العلوم على تفعيل الشائعات ذات التأثير البالغ على الجمهور، مستهدفة إحداث البلبلة وخلط الأوراق والابتزاز وتصفية الحسابات، والتي بات يطلق عليها “الشائعات الرقمية” .
وتعد برامج ومنصات التواصل الاجتماعي و”التيك توك” في ظل الذكاء الاصطناعي ،من أسهل الطرق سرعة وانسيابية في نشر تلك الشائعات، نتيجة لسهولة استخدامها وسرعة انتشارها وقلة تكاليفها عبر الانترنت، مستغلة الظروف الأمنية غير المستقرة والتردي الاقتصادي والبطالة والجهل. وكمثال على ذلك موضوع مدربة حيتان الأوركا “جيسكا” التي باتت قضيتها “ترندا” عالميا، بينما في الواقع لا أساس لها من الصحة ويمكن القول انها مختلقة رقميا .
لقد أصبح المواطن “رقميا ” بالفعل بدءاً من نعومة أظفاره، حينما استخدم جهاز “الآي باد ” على سبيل الذكر. ومن هنا تتجسد الأهمية والخطورة، في حال عدم وضع خطط وبرامج تربوية وفنية، للحيلولة دون اختراق الحصانة الفكرية للمتلقي، وتمزيق النسيج المجتمعي، من خلال تحقيق الوعي والمعرفة والمراقبة الأسرية،
والتدقيق في المعلومات المتناقلة قبل ترويجها، والتعويل على الثوابت المرنة، ومنها العادات والتقاليد الحميدة، وسن قوانين مواكبة لهذه التكنولوجيا. كذلك لا بد من توحيد المساعي الدولية ووضع برامج مشتركة بإعتبار ان شبكات الانترنت عالمية ومتصلة في كل الأرجاء، لتحقيق الفائدة المرجوة وفق المصالح والأهداف المشتركة. ومن الضروري تدريس مادة الاعلام في المدارس الثانويةً واعتبارها من المناهج والمقررات، لتحقيق موازنة فكرية وأخلاقية وأمنية تجاه السيل الجارف من المحتوى “البروباغاندي” القادم من داخل وخارج الحدود