الزراعة المائية والتنمية المستدامة
بقلم
الدكتور/ سامح فرج عوض ـ مدير محطة بحوث مقننات ري – معهد بحوث ادارة المياه
رئيس فرع الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة البحيرة
تعد المياه أمراً أساسياً لتحقيق العديد من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وذلك للحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي وتوفير مياه شرب نظيفة ونقية وإن لم يتم إدارة المياه على نحو مستدام وفعال وعادل فستواجه المنطقة العربية صعوبة في التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويواجه الأمن الغذائي تحديات كبيرة تجعله غير مستدام وضار بالبيئة وهذه التحديات لها آثار سلبية شديدة على البيئة ويلزم مواجهة هذه التحديات لتعزيز الأمن الغذائي في ظل الزيادة السكانية.
تعد الزراعة بدون تربة أو الزراعة المائية (الهايدروبونيك) إحدي التقنيات الحديثة للزراعة لمواجهة التأثيرات الضارة للتغيرات المناخية بحيث يتم زراعة ونمو النباتات مباشرة في الماء المضاف إليه عناصر ومكونات معدنية مغذية.
وتعمل تقنية الزراعة المائية علي زيادة الإنتاج النباتي بشكل كبير مقارنة بالطرق الزراعية التقليدية كما أنها تنتج محاصيل صحية غير محملة بالعناصر والمعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية التي تتراكم في أنسجة النباتات التي تزرع بالطرق التقليدية مقارنة بالمحاصيل التقليدية.
كما أن الزراعات المائية تستخدم كميات قليلة من المياه ولا تتسبب في إستهلاك وتآكل التربة كما تعمل علي إنخفاض استخدام الوقود الأحفوري لعدم استخدام آلات زراعية في الحراث وزراعة التقاوي والبذار وهذه الأمور تؤثر بشكل إيجابي على البيئة والصحة العامة للإنسان.
بالإضافة إلي أن الزراعة المائية تعد تكنولوجيا جديدة يمكن أن تساعد في محاربة الجوع بتوفير كميات كبيرة من الغذاء، بالإضافة إلي أنها تعمل علي توفير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.
علاقة الزراعة المائية بالتنمية المستدامة:
تعمل الزراعة المائية علي إمكانية زراعة المحاصيل في المناطق الحضرية ذات المساحات المنخفضة مما يؤدي إلي خفض الإعتماد على الأراضي الزراعية وتساهم بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي.
تعمل الزراعة المائية علي إمكانية إنتاج المحاصيل والغذاء بشكل مستدام في المناطق التي تعاني من ندرة المياه أو عدم توافر الأراضي الصالحة للزراعة.
تساهم الزراعة المائية في الحد من الفقر وتحسين مستوى المعيشة والمساهمة في توفير فرص عمل جديدة.
يمكن دمج الزراعة المائية مع مبادئ الزراعة العضوية باستخدام المواد العضوية الطبيعية كمصدر رئيسي للمغذيات وعدم استخدام المواد الكيميائية.
تعمل الزراعة المائية علي خفض كميات المياه مقارنة بالزراعة التقليدية حيث يتم إعادة تدوير المياه والمغذيات المستخدمة، والتقليل من هدر المياه ودعم إدارة الموارد المائية.
تساهم الزراعة المائية في الحد من التأثيرات البيئية السلبية وزيادة كفاءة استخدام المساحات بالإضافة إلي زيادة إنتاجية المحاصيل، نتيجة الزراعة في بيئات يمكن التحكم فيها.
تساهم الزراعة المائية في إنخفاض إنبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بالزراعة التقليدية، وإنخفاض طاقات التشغيل، وخفض تأثير التغير المناخي بشكل كبير.
تتيح الزراعة المائية إمكانية الزراعة على مدار العام دون أن تتأثر بالقيود الموسمية أو المناخية. كما يمكن تهيئة الظروف المثالية لنمو النباتات من خلال التحكم في درجة الحرارة والرطوبة وكثافة الضوء وتركيز العناصر الغذائية بالإضافة إلي الوصول إلي إمدادات غذائية ثابتة وتقليل الاعتماد على إستيراد السلع والعمل علي تحسين الأمن الغذائي.
أنواع الزراعة المائية:
1- نظام التدفق العميق الذي يعتمد علي غمر جذور النباتات في محلول مغذي دائم مع توفير الأكسجين اللازم لعملية الإنبات ونمو الجذور.
2- نظام الأغشية المغذية الذي يعتمد على ثبات تدفق المحلول المغذي أعلي جذور النباتات لتوفير العناصر الغذائية بصفة مستمرة.
3- نظام التنقيط الذي يعتمد علي أنابيب تعمل علي توصل المحلول المغذي إلى جذور النباتات لضمان وصول العناصر الغذائية مباشرة إلى الجذور.
4- نظام الرش حيث يتم رش المحلول المغذي على جذور النباتات لتوفير بيئة رطبة ومغذية.
5. نظام الفتيل حيث يمكن استخدام فتيل يعمل علي إمتصاص المحلول المغذي ونقله إلى الجذور بكميات مناسبة ودقيقة.
6- نظام الأكوابونيك الذي يدمج بين الزراعة المائية وتربية الأسماك لإمكانية استخدام فضلات الأسماك كمصدر مغذي للنباتات.
7- نظام البيوت الزجاجية وهذا النظام يوفر بيئة زراعية يمكن التحكم من خلاله في درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة.
أهمية الزراعة المائية:
1- تستهلك الزراعة المائية كمية منخفضة من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية، حيث يمكن إعادة تدوير المياه الأمر الذي يؤدء إلي تقليل الفاقد نتيجة التبخر أو التسرب في التربة.
2- توفير بيئة مثالية لنمو الجذور والنباتات مما يؤدي زيادة إنتاجية المحاصيل نتيجة تلقى المغذيات بشكل مباشر.
3- نتيجة عدم الإحتياج إلى التربة يمكن إقامة الزراعة المائية في الأماكن المغلقة وفي المناطق القاحلة والصحراوية، مما يتيح إنتاج الغذاء في أماكن غير صالحة للزراعة التقليدية.
4- تتميز الزراعة المائية بخفض تعرض النباتات للآفات مما يؤدي إلي عدم استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية.
5- العمل على إنتاج محاصيل صحية وخالية من أي ملوثات بالإضافة إلي التحكم في العناصر الغذائية والظروف البيئية والحصول علي الإنتاجي الزراعي بجودة عالية.
6- يمكن استخدام طرق الزراعة العمودية للوصول إلي إنتاجية عالية في مساحات صغيرة مما يؤدي إلي تحسين إستغلال المساحة المتاحة.
7- الزراعة المائية لا تعتمد على التربة وبالتالي فإنها تؤدي إلي حماية الأراضي الزراعية من التدهور الناتج عن الإفراط في الزراعة واستخدام الأسمدة الكيميائية.
في الختام
لابد من نشر الوعي بأهمية الزراعة المائية لما لها من أهمية بالغة في مواجهة التغيرات المناخية وترشيد استخدامات المياه والحصول علي إنتاجية عالية من المحاصيل الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي ولتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة.