تأثير التغيرات المناخية والجفاف والتصحر على مستقبل الأمن الغذائي
دكتور/ محمد على بدوى
أستاذ الأراضى – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مركز البحوث الزراعية
رئيس مجلس تمكين أبحاث الأراضى والمياه – الإتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة
صبحت التغيرات المناخية واقع ملموس يهدد حياتنا ومستقبل البشرية على سطح الكرة الأرضية وإرتبكت فصول السنة التى كنا نعيشها فى الماضى القريب وتداخلت الفصول بالزيادة والنقصان فى التوقيت والفروق فى معدلات الحرارة ومعدلات الأمطار والقبة الحرارية وغيرها من ظواهر غريبة وفى اليوم الواحد نتوقع الأمطار والحرارة والبرد والعواصف والسيول وغيرها مم يهدد بالعيش الأمن على كوكب الأرض بسبب المجاعات والتهجير وإنعدام الأمن الغذائى بوتيرة متسارعة
إن التغيرات المناخية و الجفاف والتصحر تعتبر ظواهر سلبية على الزراعة و تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي وللتعرف على ذلك سوف نناقش مسبباتها والعوامل اللازمة لمجابهتها والتخفيف من أثارها السلبية. تعتبر جمهورية مصر العربية وكذلك معظم بلدان الوطن العربى فى حزام المناطق الجافة والشبه جافة نظرا لموقعها الجغرافى والتى توصف بالبلدان الفقيرة فى الموارد الأرضية والمائية وتواجه معظمها تحديات الأمن الغذائى والأمن المائى. وكذلك نظرا للزيادة السكانية الكبيرة فإن الطلب على الغذاء يزداد يوما بعد يوم. وإن التغيرات المناخية التى إذدادت وتيرتها فى السنوات الأخيرة تفاقم من المشكلة نظرا لتغيرات درجات الحرارة وكذلك معدلات الأمطار وفقدان التربة الزراعية بمعدلات متزايدة.
الإحتباس الحراري والتغيرات المناخية:
تعد ظاهرة الإحتباس الحراري والتغيرات المناخية مشكلة عالمية طويلة الأجل تنطوي على تفاعلات معقدة لها تداعيات على النظم الطبيعية والاقتصادية والمؤسسية والإجتماعية والتكنولوجية ، حيث أكدت جميع التقارير التقييمية للهيئة المعنية بتغير المناخ على الإجماع العلمي بأن التغيرات المناخية حقيقة قائمة لها تداعياتها وتأثيراتها على المستوى الدولي والإقليمي والوطني..
التغيرات المناخية:
يُمكن التعبير عن مفهوم التغيرات المناخية بأنّها إحدى القضايا التي يُعاني منها العالم في الوقت الحالي، وتظهر هذه القضية أو المشكلة العالمية على شكل تحوّل أنماط الطقس الأمر الذي يُهدد إنتاج الطعام وارتفاع مستويات سطح البحر الذي يزيد من خطر تشكّل الفيضانات الكارثية، ويجب البدء في البحث عن الحلول العملية منذ هذه اللحظة للتمكّن من إيقافها؛ حيث إن تبني تأثيرات هذه التغيرات في المستقبل سيكون أكثر صعوبةً، بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة المالية؛ لذلك يجب البحث عن مُسببات هذه القضية التي قد تعود جذورها للأنشطة البشرية.
عواقب تغير المناخ:
إن الزيادة العالمية في درجات الحرارة تؤدي إلى عواقب وخيمة، مما يهدد بقاء نباتات وحيوانات الأرض، بما في ذلك البشر، وتشمل أسوأ آثار تغير المناخ ذوبان الكتلة الجليدية في القطبين، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، مما ينتج عنه فيضان وتهديد البيئات الساحلية التي من خلالها تخاطر الدول الجزرية الصغيرة بالاختفاء بالكامل.كما يزيد تغير المناخ من ظهور ظواهر مناخية عنيفة أكثر، مثل الجفاف، والحرائق، وموت الأنواع الحيوانية والنباتية، والفيضانات من الأنهار والبحيرات، وتدمير السلسلة الغذائية والموارد الاقتصادية، خاصة في البلدان النامية.شاهد أيضًا: على سطح الارض التأثيرات البيئية الملحوظة والمتوقعة للتغير المناخي ويشمل التغير في النظم البيئية والتصحر.تغيير في النظم الإيكولوجية والتصحر.ذوبان القطبين وإرتفاع مستوى سطح البحر.الظواهر الجوية المتطرفة.إنقراض الأنواع.
كيف يمكننا تجنب تغير المناخ:
.كيف يمكننا تجنب تغير المناخ؟أولاً لا يمكن تجنب تغير المناخ، ويمكن التخفيف من آثاره والتكيف مع عواقبه، أي يمكننا مكافحته من خلال تطبيق تدابير صغيرة وكبيرة الحجم تساعد على إبطاء تغير المناخ، وتُعرف هذه الإجراءات بتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه .وبتسليط الضوءعلى تأثيرات المناخ في ظاهرة الإحتباس الحراري الحالية التي تصل إلى درجة مئوية واحدة بالإضافة إلى مخاطر الوصول إلى درجة حرارة 1.5 درجة مئوية والخسائر التي لا رجعة فيها والتي قد تحدث عند درجة حرارة 2 درجة مئوية أو المزيد من الإحترار.
آثار تغير المناخ على الحياة البرية من المرجح أن يكون الإحترار العالمي أكبر سبب لإنقراض الأنواع في هذا القرن، وتقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن إرتفاع متوسط درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية قد يعرض 20-30٪ من الأنواع لخطر الإنقراض، وإذا كان الكوكب يدفئ بأكثر من درجتين مئويتين، ستواجه معظم النظم الإيكولوجية صعوبة.التغيرات المناخية في العالم.
فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تغير المناخ الذي قد يزيد من التحديات التي نواجهها بالفعل:تغير المناخ يتضخم في المناطق القطبية حيث تعد الأطراف الشمالية والجنوبية للأرض ضرورية لتنظيم مناخ كوكبنا وهي معرضة بشكل خاص آثار الإحتباس الحراري، والتي لها عواقب عالمية.
أهمية الأشجار والغابات والغطاء الأخضر على مقاومة التصحر و التغيرات المناخية
تغير المناخ والغابات – للغابات أهمية حيوية لأنها تمتص ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الدفء الرئيسي المسؤول عن ظاهرة الاحتباس الحراري، ويساعد في تنظيم مناخ العالم، كما أنها موطن لعدد لا يحصى من النباتات والحيوانات.الآثار تختلف في أنواع مختلفة من الغابات، ومن المحتمل أن تتأثر الغابات الشمالية الواقعة في القطب الشمالي بشدة بشكل خاص، مع تراجع خطوط الأشجار تدريجياً شمالاً مع إرتفاع درجات الحرارة.في الغابات المدارية مثل الأمازون، حيث يوجد تنوع بيولوجي وفير، ويمكن مستويات متواضعة من تغير المناخ أن تسبب مستويات عالية من الإنقراض.عندما يتم تدمير مساحات شاسعة من الغابات، فإنها تكون كارثية على الأنواع والمجتمعات المحلية التي تعتمد عليها، مما يزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي ويضعنا في مسار للإحتباس الحراري الجامح.5. تغير المناخ والمياه العذبة – تغير المناخ له آثار خطيرة على شبكات المياه في العالم من خلال المزيد من الفيضانات والجفاف، ويمكن أن يحتوي الهواء الدافئ على نسبة أعلى من الماء، مما يجعل أنماط هطول الأمطار أكثر تطرفًا. وأخيرًا في نهاية رحلتنا عن بحث عن التغيرات المناخية في العالم، يجب على الأفراد والحكومات والمؤسسات المحلية أن تتكاتف معًا من أجل دعم السبل التي تؤدي إلى الحفاظ على النظم البيئية والإيكولوجية بسلام بعيدًا عن التغيرات المناخية التي تؤذي كل الكائنات الحية.
تغير المناخ في العالم العربي.. المخاطر والحلول العملية:
المنطقة العربية، ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية والخطيرة لهذه الظاهرة، بل هي توجد في قلب المشكلة المناخية الكبرى التي يواجهها العالم ألا وهي التصحر ونقص المياه. فما هي التأثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية في العالم العربي وما هي السبل الممكنة للحد منها:
إرتفاع درجات الحرارة:
وشهدت المنطقة العربية ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة على امتداد العقود الماضية ما يزيد في انتشار ظاهرة الجفاف والتصحر التي تعاني منها معظم الدول العربية تقريبا.
ومع إرتفاع نسب السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية في الدول العربية، والتي بلغت 98 في المئة في الكويت على سبيل المثال، ازداد الطلب على الطاقة لتوفير التبريد صيفا والتدفئة شتاء.
ويؤدي ارتفاع الطلب على الطاقة إلى ارتفاع انبعاث الغازات السامة في الجو، وهنا مكمن الداء.
وحذر البنك الدولي خلال ندوة حول التغيرات المناخية التى أقيمت فى قطر من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستشهد ارتفاعا في معدل درجات الحرارة يبلغ ست درجات مئوية بحلول عام 2050.
وقال البنك الدولي في دراسات أجريت للغرض ذاته إن المنطقة ستشهد ارتفاعا في معدلات الحرارة ونقصا في الأمطار وانتشارا كبيرا لظاهرة الجفاف والتصحر. وحذر البنك من النتائج الوخيمة لهذه التغيرات المناخية على الأمن الغذائي لسكان الدول العربية وخصوصا المياه التي باتت شبه منعدمة في العديد من المناطق الجافة في المنطقة.
الجفاف: ظاهرة تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي:
وحذرت العديد من الهيئات الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن التغير المناخي العالمي قد يؤدي إلى نزاعات دامية وتهجير ملايين الأشخاص في المنطقة العربية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار هائلة باقتصاديات هذه الدول.
زراعات تتحمل الجفاف :
ومن الحلول التي بدأت تتخذها الدول العربية هو الإتجاه إلى النباتات المتحملة للحرارة، كما تجري مراكز الأبحاث جهودها لإدخال الجينات المسؤولة عن تحمل الحرارة في النباتات المميزة بذلك إلى النباتات الأخرى الغذائية،. وكانت مصر أعلنت على سبيل المثال في التوجه إلى المحاصيل الموفرة للمياه، وتقليص المساحات المزروعة من النباتات المستهلكة للمياه مثل الأرز وقصب السكر، وطرح نبات “الإستيفيا” كبديل عن قصب السكر في هذا الإطار.
وتوجد زراعة هذا النبات في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة, حيث تساعد الحرارة العالية على زيادة النمو الخضري, ولا يحتاج هذا النبات سوى خُمس الأرض المطلوبة لإنتاج القصب، ويحتاج إلى مياه أقل بنسبة 90%، ولذلك فهو الخيار المثالي للدول التي تعاني من شح المياه، ويعادل إنتاج الفدان الواحد من هذا النبات زراعة 80 فداناً كاملة من بنجر السكر.
ومن الجهود المبذولة في هذا الإطار أيضاً، إتجاه بعض الدول ومنها الإمارات إلى الزراعات الملحية، التي تروى بمياه البحار، في محاولة للتغلب على نقص المياه بسبب التغيرات المناخية.
وأظهرت تجارب نفذها المركز الدولي للزراعات الملحية بدبي بالتعاون مع الحكومة الإماراتية نجاح زراعة نبات الساليكورنيا باستخدام مياه البحار. والساليكورنيا نبات محب للملح، يُستخدم كغذاء وعلف، فضلاً عن إستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي، وهو نبات حولي مزهر ثنائي الفلقة، يتكاثر بالبذور وتحوي الثمرة العصارية منه على بذرة واحدة تنبت في بداية الربيع، وتنمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار، حيث تعد من أكثر النباتات تحملاً للملوحة، ويمكن أن تنمو بعيداً عن المياه في المناطق التي يزيد معدل الأمطار فيها عن 1000 ميليمتر. ومن الجهود الأخرى التي تبذل في هذا الإطار إنتاج صنف الأرز الصيني المقاوم للملوحة في صحراء دبي. وأظهرت الاختبارات أن أعلى محصول لهذا النوع من الأرز الهجين المتحمل للملوحة والقلوية تجاوز 7.8 طن لكل هكتار.
التصحر:
ويعتبر التصحر وتدهور الأراضي من المشاكل البيئية الرئيسية والتي ترجع إلى الإستخدام غير المستدام والجائر للموارد الطبيعية، وتلعب العوامل المناخية السائدة دوراً كبيراً في تفاقمها، ولم تعد تقتصرعلى كونها مشكلة محلية بل أصبحت عالمية مثيرة للقلق، خاصة في ظل إستمرار التحديات الطبيعية والضغوط البشرية وفي مقدمتها ظاهرة تغير المناخ والتي يترتب عليها تداعيات إقتصادية وإجتماعية وبيئية .
وتشير التقارير الصادرة عن إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وإلى أن العالم يفقد سنوياً نحو 24 مليار طن من التربة الخصبة، و12 مليار هكتار من الأراضي بسبب التصحر والجفاف، إضافة إلى أن 52% من الأراضي الزراعية تعرضت للتردي بدرجات متفاوتة، الأمر الذي ينطوي على إنعكاسات سلبية على الجهود المحلية والإقليمية والدولية الموجهة لمكافحة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي. وتعد الإدارة السيئة للأراضي الزراعية السبب الأول والرئيسي في تحويلها إلى صحراوية، وكذلك زراعة محاصيل غير مناسبة للتربة
التغير المناخى والتركيبة المحصولية:
إن إرتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى زيادة عملية “النتح” ما يعني إحتياجات أكبر للمياه للمحاصيل الزراعية.وإن تقلص فصل الشتاء وإرتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى التخلص من محاصيل تحتاج إلى فترة أطول من درجات الحرارة المنخفضة مثل المشمش والبرقوق والخوخ وزراعة محاصيل بدلا منها أقل إحتياجا للبرودة.
وإن التغيرات المناخية على المدى البعيد ستؤدى إلى تغيير التركيبة المحصولية وتركيبة الحشرات أيضا، فهناك بعض المحاصيل البستانية مثل البطاطس أصبحت تصاب ببعض الآفات لم تكن تصاب بها من قبل في الشتاء.
ويوصى العلماء بالمحافظة على النظام البيئي والتنوع البيولوجي في الزراعات خاصة بالمناطق الزراعية الحديثة ومناطق المشروعات الزراعية الكبرى بالأراضي الجديدة ومشروع المليون فدان وحمايتها من التلوث حفاظا على التنوع البيولوجي. وكذلك وضع برامج تنموية زراعية تعمل من خلال التغيرات المناخية المتوقعة وتفادي أثارها السلبية والتكيف معها، وزيادة الوعي بقضايا التغيرات المناخية والتكيف معها.
علاوة على التوسع في إستخدام تكنولوجيا الري الحديثة التي توفر كميات الري في الأراضي الصحراوية والمستصلحة حديثا وأيضا في أراضي الوادي والدلتا وإستخدام أنماط الزراعات التي تعظم العائد الإنتاجي مقابل وحدة المياه المستخدمة.
وكذلك مراقبة إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري والعمل على تقليلها، وتحديد البصمة الكربونية للمنتجات الزراعية وغيرها. وإدخال محاصيل جديدة مثل ادخال أصناف محسنة من محصول “الكسافا” المنتشر زراعته بقارتى أسيا وأفريقيا وزراعته بالأراضي المصرية، لإستخراج الدقيق والنشا منه، واضافته إلى دقيق القمح لزيادة معدل الاكتفاء الذاتي من الدقيق وذلك لقليص فاتورة شراء القمح وتوفير مساحات من الأرض لإنتاج محاصيل مناسبة للإحتياج وذلك حسب السياسة الزراعية.
ما هي ظاهرة الدفيئة؟
تم تسمية ظاهرة الدفيئة إشارة إلى البيوت الزجاجية التقليدية (الدفيئات الزجاجية) التي تعمل فيها الجدران الزجاجية على تقليل التدفق الهوائي وزيادة درجة حرارة الهواء الذي ينحبس داخلها.ويُذكر أن مناخ الأرض يعتمد بشكل رئيسي على الشمس حيث يتناثر نحو 30 بالمائة من ضوء الشمس مرة أخرى في الفضاء ويمتص الغلاف الجوي بعضاً منه بينما يمتص سطح الأرض الباقي. كما يعكس سطح الأرض جزءاً من ضوء الشمس في صورة طاقة متحركة يطلق عليها اسم الإشعاعات تحت الحمراء.وما يحدث هو تأخر خروج الإشعاعات تحت الحمراء بسبب “الغازات الدفيئة” مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والأوزون والميثان، والتي تجعل الإشعاعات تحت الحمراء ترتد مرة أخرى، ما يؤدي إلى رفع درجة حرارة طبقات الغلاف الجوي السفلى وسطح الأرض.
وعلى الرغم من أن الغازات الدفيئة تشكل واحد بالمائة فقط من الغلاف الجوي، إلا أنها تشكل غطاء حول الأرض أو سقفاً زجاجياً لبيت زجاجي، الأمر الذي يحبس السخونة ويبقي على درجة حرارة الكرة الأرضية عند 30 درجة وهي درجة مرتفعة عما لو كان الأمر غير ذلك. ومع ذلك، تساهم الأنشطة البشرية في جعل هذا الغطاء “أكثر سمكاً” لأن المستويات الطبيعية لهذه الغازات يدعمها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن احتراق الفحم والنفط والغاز الطبيعي، من خلال انبعاث مزيد من الميثان وأكسيد النيتروز التي تنتج من الأنشطة الزراعية والتغيرات في استخدام الأرض، ومن خلال الغازات الصناعية طويلة العمر التي لا تنتج بصورة طبيعية. هذه التغيرات المناخية باتت أحد أهم الظواهر التي يواجهها كوكب الأرض اليوم. وحسب خبراء المناخ، فإن 13 في المئة فقط من هذه التغيرات مصدرها الطبيعة ذاتها فيما يتحمل الإنسان مسؤولية 87 في المئة من الأسباب التي أدت إلى حدوثها وتفاقمها. المنطقة العربية، ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية والخطيرة لهذه الظاهرة، بل هي توجد في قلب المشكلة المناخية الكبرى التي يواجهها العالم ألا وهي التصحر ونقص المياه.
فما هي التأثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية في العالم العربي وما هي السبل الممكنة للحد منها:
الجفاف: ظاهرة تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي:
وحذرت مسودة تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن التغير المناخي العالمي قد يؤدي إلى نزاعات دامية وتهجير ملايين الأشخاص في المنطقة العربية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار هائلة باقتصاديات هذه الدول. ويرسم التقرير صورة متشائمة لتداعيات التغير المناخي على سكان الدول العربية، لا سيما في ظل انعدام تساقط الأمطار وتراجع حجم المحاصيل الزراعية بنسبة اثنين في المئة كل عشر سنوات على المستوى العالمي. ويحذر التقرير كذلك من تأثير التغيرات المناخية على جودة المواد الغذائية التي ستشهد تراجعا حادا قد يؤثر على صحة الإنسان، هذا إضافة إلى الأمراض المنقولة عن طريق المياه أو المياه الملوثة.
التصحر: خطر يتهدد الدول العربية
تعد ظاهرة التصحر، واحدة من أكبر المشكلات البيئية التي تهدد جميع الدول العربية دون استثناء. وتعرف اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر هذه الظاهرة بـ”تدهور الأرض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وفي المناطق الجافة وشبه الرطبة”. من هنا، يتبين أن التصحر هو أحد المشكلات البيئية الخطيرة التي تواجه الدول العربية حاليا وهو يتطور بنسق متسارع حيث تبلغ نسبة الأراضي المعرضة للتصحر 40 في المئة من مساحة اليابسة، حسب الأمم المتحدة. وتشير تقارير الأمم المتحدة المتعلقة بالبيئة إلى أن أغلب المناطق المعرضة للتصحر تقع في العالم العربي. وتشير هذه التقارير إلى أن حوالي 357.500 كم2 من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة في عدد من الدول العربية أصبحت واقعة تحت تأثير التصحر. وشهدت دول مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، تحول 650.000 كم2 من أراضيها إلى أراض متصحرة خلال 50 سنة فقط، حسب الأمم المتحدة. أما في دول الخليج والشرق الأوسط فإن ظاهرة التصحر باتت تكتسح مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة ما يمثل تهديدا للأمن القومي الغذائي والمائي لهذه الدول.
الحلول الممكنة للتغيرات المناخية:
تدعو الأمم المتحدة والمنظمات البيئية العالمية إلى الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو المصدر الرئيس للغازات الدفيئة، وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لتوليد الطاقة. فالطبيعة تقدم مجموعة من الخيارات البديلة من أجل توفير مصادر للطاقة المتجددة كالشمس والهواء والأمواج والكتلة الحيوية. وترى المنظمات الدولية أن تطبيق هذه الحلول لا يسبب أي تنازل من طرف المواطنين عن أنماط حياتهم، بل سيخول لهم الدخول إلى عصر جديد من الطاقة يسمح لهم بالمحافظة على البيئة وتجنب سيناريوهات كارثية لمستقبل البشرية ذاتها، في حال تواصل نسق التغيرات المناخية على ما هو عليه اليوم.وكذلك فإن تدوير المخلفات الزراعية والحضرية يساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع المحافظة على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.