سلسلة مقالات الاستدامة في الاعلام الزراعي
بقلم: ا.د. هاله الأخضر رئيس بحوث و المسئول الإعلامي لمعهد بحوث وقاية النباتات – رئيس اللجنة الإعلامية للتنمية المستدامة و خدمة البيئة و المجتمع بالمركز الإعلامي لمركز البحوث الزراعية.
والأمين المساعد لشئون الفروع بالاتحاد العربي للتنمية المستدامة و البيئة.
المقال الأول: الإعلام الزراعي في عصر الاستدامة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتسارعة، لم يعد الإعلام الزراعي مجرد وسيلة لنقل المعلومة، بل أصبح أداة استراتيجية لبناء وعي مجتمعي مستدام. ومع تصاعد الحاجة إلى ممارسات زراعية مسؤولة، يبرز الإعلام الزراعي كقوة ناعمة قادرة على توجيه السلوك، دعم السياسات، وتحفيز التحول نحو الاستدامة.
دعونا نتساءل ما هو الاعلام الزراعي؟
الإعلام الزراعي هو ذلك النمط المتخصص من الإعلام الذي يربط بين البحث العلمي والممارسة الزراعية، ويهدف إلى نقل المعرفة، تعزيز الوعي، وتوجيه المزارعين نحو أفضل الممارسات.
يتنوع في أدواته بين المقالات، البرامج الإذاعية والتلفزيونية، الحملات التوعوية، والمنصات الرقمية، التوصيات الفنية المصورة و المكتوبة و المسموعة، و هو يخاطب جمهورًا متنوعًا يشمل المزارعين، الباحثين، صناع القرار، والمجتمع المدني.
و تعريف الاستدامة الزراعية تعني إنتاج الغذاء لتغطية احتياجات الأجيال الحالية دون هدر الموارد للأجيال القادمة بطريقة تحافظ على البيئة، وتدعم الاقتصاد المحلي، وتراعي العدالة الاجتماعية.
و تأتي الحاجة لتحقيق الاستدامة الزراعية المنشودة في ظل العديد من التحديات التي تشمل تغير المناخ وتأثيره على المحاصيل، ندرة الموارد مثل المياه والتربة الخصبة، و الاعتماد المفرط على المبيدات والأسمدة الكيميائية. لذا أصبح من الضروري تبني ممارسات زراعية مستدامة، وهنا يأتي دور الإعلام في التوعية والتوجيه.
لذا فالإعلام الزراعي هو القوة الدافعة نحو تحقيق الاستدامة، فهو لا يكتفي بعرض المعلومة، بل يصنع التأثير من خلال نشر ثقافة الزراعة الذكية مثل استخدام تقنيات الري الحديث، والطاقة المتجددة، توعية المزارعين بمخاطر الاستخدام العشوائي للمبيدات عبر حملات بصرية وميدانية،
ربط البحث العلمي بالتطبيق العملي: من خلال تبسيط نتائج الدراسات وتقديمها بلغة مفهومة، و دعم السياسات الزراعية المستدامة: عبر تسليط الضوء على المبادرات الحكومية والمجتمعية.
و رغم الدور الحيوي للإعلام فإنه يواجه العديد من التحديات لتحقيق الاستدامة، مثل ضعف التمويل والدعم المؤسسي، نقص الكوادر الإعلامية المتخصصة في المجال الزراعي، غياب التنسيق بين الجهات البحثية والإعلامية، و الحاجة إلى تطوير أدوات تواصل بصري أكثر تأثيرًا.
و في الختام،
إن الإعلام الزراعي في عصر الاستدامة هو أكثر من مجرد ناقل للمعلومة؛ إنه شريك في التنمية، وصانع للتغيير، وجسر بين العلم والمجتمع.
وكل رسالة تُصاغ بعناية يمكن أن تُحدث فرقًا في سلوك فرد، أو توجه مؤسسة، أو تحمي موردًا بيئيًا
